Ernest Renan إرنست رينان في غزير

في العام 1860 كَلَّفَ الإمبراطورُ الفَرَنسيّ نابوليون الثّالث، "إِرْنِسْتْ رِينَان" بتَرَؤُّس بِعْثَة أثرية إلى لبنان، لِلبَحث عَن آثارٍ في فينيقيَا القَديمَة. أُطلِقَ على البعثة اسم مُهِمَّة فينيقيا  .Mission de Phénicie

 

وَصَلَ "رِينان" إلى لبنان في 21 تشرين الأَوَّل 1860 عَلَى رأسِ فَريقٍ يَضُمُّ شَقيقتَهُ "هَنْريات" كمُساعِدَة، واخْتِصاصِيّين في التَّنْقيبِ والطُّوبوغرافيا والرّسم. فَقامَ بِتَنظيمِ حَمَلاتِ تَنقيبٍ، تَرَكَّزَت في طَرطُوس وَجَزيرَةِ إِروَاد وجُبَيل وصَيدا وصور، ومَناطِقَ أُخرى... وقَدْ شَكَّلَ وُجودُ القُوّات الفَرَنْسِيَّة في المَنطقة، والَّتي كانَت قَد أُرسِلَت لِحِمايَةِ مَسيحِيّي الشَّرق بَعدَ مَجازِر 1860، دَعماً لِلبِعثَة على الصَّعيدَين العَمَلانِيّ واللّوجِستِيّ.

 

مَكَثَ رينان في لُبنان طيلَةَ فَترَةِ مُهِمَّتِهِ المُمتدَّة مِن 21 كانون الأوَّل عام 1860 وَلغاية 10 تشرين الأَوَّل عام 1861، وَلَم يُغادِرهُ إلّا لِزِيارَةِ الأَراضي المُقَدَّسَة لأسابيع قَليلة. فأقام لفترة وجيزة في بلدة غزير، أمّا فَترَة إقامَته الأهَمّ والأطوَل، فكانَت في عَمشيت، في مَنزِلِ السَّيّد "طوبيا زَخْيا" ، الكائن بِالقُرْبِ مِنَ الحَفرِيّاتِ في بِيبلوسَ، حَيْثُ تُوُفِّيَتْ شَقيقَتُهُ "هَنْريات" بِسَبَبِ إِصابَتِها بِالحُمّى، وَدُفِنَتْ في مَدْفَنِ العائِلة.  

 

وبِالْعَودَة إلى مُهِمَّة رينَان، إِتَّضَحَ أَنَّهُ قد استَفادَ مِن وُجودِ القُوّات الفَرَنسيّة، لِيَحمِلَ مَعَهُ إِلى فَرَنسا، الكَثيرَ مِنَ الكُنوزِ، وذَلِكَ بِناءً عَلى طَلَبِ الإِمبراطور نابوليون الثّالِث، كَما فَعَلَ قَبلَهُ نابوليون الأَوَّل عِندما ذَهَبَ إلى مِصر. وكان قَد تَقاسَمَ تِلكَ الثَّروة مَعَ العُثمانِيّين، لأنَّهُم كانوا يَتَحَكَّمون بالسُّلطَة حينها، مُستَفيدينَ مِن عَدَم وُجودِ دَولةٍ قَوِيّة، وعَدَم وجود قانون خاصٍّ بِحِماية الآثار في تِلك الحَقبة، يَحولُ دون إخراجِها من البِلاد. إن بَساطَة الشعب وعَدَم إدراكِه لأهمِّيَّة هذا الإرث، أتاحَ الفُرصَة لَهُم وسَهَّل مَهامَهم. هَذِهِ الكُنوز مَوجودَةٌ اليَوم فِي "مَتحَفِ اللُّوفر الفَرَنسيّ" و"مَتحَف إسْطَنبول".

 

وبما أنّه أُجيز للدّول، بموجب اتِّفاقِيَّةِ اليونِسكو عام 1970 لِحِمايَة المُمتَلكاتِ الثَّقافِيَّة، بالمُطالَبَة بِالقِطَع الأَثَرِيّة المَنْقُولَة أَو المَسروقة مِن أراضِيها، شَرطَ أَنْ تَكونَ قَدْ نُقِلَت أَو سُرِقَت بَعدَ تَوقيعِ الاتِّفاقِيّة، أَيّ بَعدَ العام 1970، عليه، تكون كلّ من فَرَنسا وَتُركيا بمنأى عن خطر هذه الاتّفاقيّة إذ لا تسري مفاعيلها عليهما، كون الاتّفاقيّة دخلت حيّز التّنفيذ ابتداءً من العام 1970 لا قبله.

 

وَعِندَ عَودَتِهِ إِلى فَرَنسا، أَصدَرَ "إِرنِست رينَان" كِتاباً بِعُنوان: "فَهرَس القِطَع الأثريّة من مُهِمَّة فينيقيا"

Catalogue des objets provenant de la mission de Phénicie

وفيه جَردَة بالقِطَع مِنها:

- عَتَبَة كَنيسَة مار جِرجس الأَثَرِيّة في إِدِّه جُبَيل، وفي وَسَطِها القِرص الشَّمسيّ الّذي يَرمُز إلى إِلَه الشَّمس "رَع"، وَنَجِد عَلَى جانِبِيه جَناحّي الصَّقرِ "هُوروس" وَثَعابين...   

- عمودٌ أسطوانيّ مِنَ الحَجَرِ الكِلسِيّ، مِن كَنيسَةِ مار شَربِل الرّهاوي في معاد، يَحمِلُ كِتابةً مِنْ ثَمانِيَةِ أَسْطُرٍ بِاللُّغةِ اليونانِيَّة، تَفسيرُها أَنَّ هذا النُّصُب، هُوَ تَقدِمة إِلى الإِلَه "ستراب" مِن رَجُلٍ يُدعى "تاموس فيليبُّس دابدو سيبوس"، وذَلِكَ في السَّنَةِ الثّالِثة والْعِشرين لِانْتِصارِ الأَمبراطور أَغوسطوس قَيْصَر في مَعْرَكَةِ أَكسيوم، المُوافِقَة لِلسَّنَة الثّامِنة قَبل المَسيح (تحمل رقم 35 في جدول الأغراض المنقولة إلى فرنسا).  

- كُتلَة مِن عَتَبَةِ البابِ الغَربِيّ لِكَنيسَةِ مار سَابا في إدِّه البَترون، كانَت مُزدانَةً بِاسْطوانَةٍ جِناحِيّة يُمكِنُ تَحديدُ زَمَنَها في العَهدِ الهِلّينيّ، مَعَ نَقْشٍ في أَعلاها، يَحمِلُ مُدوَّنَةً مسيحية.

- لَوحَة صَخرِيَّة مِن مَحَلَّةِ الدُّوَير في خَراج بَلدَةِ عَين إبِل في الجنوب، نُحِتَ عَلَيها الإِلَهَان "أَبّولون" (البَعل) و "إِرْتَميسْت" (ديانا)، تتَوسَّطُهُما شَجَرَةُ نَخيل.  

- فُسَيفَساءٌ مَساحَتُها 120 مِتراً مُرَبَّعاً مِن كَنيسَةِ بَلْدَةِ حَناوِيَة، قُربَ مَدينَةِ صور تعود الى القرن السادسس، وغيرها...

 

يُذكَرُ أَنَّ الأَب اليَسوعِيّ "ألكساندر بوركونود" الّذي كانَ واحِدًا من جُمهور دَير الأبآء اليَسوعِيّين في غزير، وَالَّذي كانَ قَد قَدَّمَ المُساعَدة لِ"رينان" أَثناءَ مُهِمَّتِهِ، يروي في كِتابه "لَهْوُ السيّد رينان" Les distractions de M. Renan

أنَّ "رينَان"  قَد سَرَقَ المِلكِيَّه الفِكرِيَّة العائِدة لاكتِشَافاتٍ قامَ بها الأب "بوركونود" فِي لبنان.

 

وكانَ قَدْ عُرِفَ عَن رينَان أَنَّهُ شَخصٌ استِعلائِيّ وَمُتَعَجرِفٌ، ولَم يَتَوانَ عَن وَصفِ اللُّبنانِييّنَ بِقَساوَة وَنَعَتِهِم بِأَبشَعِ المُفردات... أمّا وَقاحَتُهُ فقد تَجَلَّت في إِحدى رَسائِلِهِ الخاصَّة عَن غزير، الَّتي استَضافَتْهُ، فَكَتب:

"إنَّ الأَهالي لاحتِكاكِهِمْ بِالعائِلاتِ المُسَمّاة أرستقراطِيّة في البِلاد، ما عادوا يَتَّصِفون بالمَزايا التَقليدِيَّة لِلشَّعب المارونيّ".

 

وَيَبقى السُّؤال: لِماذا اندَفَعَت بَلَديَّة غَزيرَ سنة 2007، إلى تَكريمِ "إِرنِست رينَان" بِإِقامَةِ تِمثالٍ نُصفِيٍّ لَهُ في البَلدَة، وهو التِّمثالُ الوَحيد لهُ في لبنان، خاصَّةً وأنه استَغَلَّ ضُعفَ السُّلطة المَحَلِيّة، وَنَقَلَ كُنوزًا مِن لبنانَ وتَقاسَمَها مَعَ العُثمانِيّين؟!

أضِف أنَّه لَم يُخفِ إحتِقارَهُ للشَعبِ اللُّبنانيّ عامَةً، ناعتاً إيّاه بِعِباراتٍ غير لائقة، ولا انتِِقادهِ لأَهالي بَلدَة غَزير، الَّتي اسْتَضافَتهُ. وفي المُفارقة، أنَّه قَدّ مَدَحَ أهالي بَلدَةَ عَمشيت، تلك البلدة الَّتي لم تعمد يوماً لتكريمه، رغم أنّه أَمضى فيها مُعظَم فَترَة إِقامَتِهِ، وَ تُوفِّيَت فيها شَقيقَتُهُ ودُفِنَتْ، ولا يزال مَدفَنُها موجوداً هناك حتى يومنا هذا.

 

لِلبَحث تَتِمَّة...

 

Ernest Renan était un philosophe, écrivain, épigraphiste et philologue originaire de Tréguier, en Bretagne. Lors de l'expédition archéologique de La Mission de Phénicie au Levant, il quitte Paris et s'installe au Liban, où il pose ses valises dans le pittoresque village de Ghazir, niché au coeur des montagnes libanaises. C'est dans ce cadre inspirant qu'il écrit son célèbre livre « La Vie de Jésus. »

Il convient de souligner que le séjour d'Ernest Renan au Liban est parfois sujet à controverse. Ce dernier est accusé d'avoir emmené avec lui de précieuses antiquités lors de son départ de la région, ce qui suscite de nombreux débats.

Il est important de prendre en compte ces critiques pour avoir une vision plus nuancée de son séjour au Liban. C’est notamment ce qu’a expliqué M. Jihad Nadim Adra, fondateur du musée NABU lors de l’évènement «L’Orient de Renan 2 ».

 

 

Le mot de M. Adra durant la conférence :

 

« Certains se demandent comment le musée Nabu accueil une conférence sur Ernest Renan alors qu’il est d’orientations intellectuelles différentes. Lui (Renan) qui croyait que les caractéristiques raciales sont instinctives et inévitables et que toute approche de pratique politique doit tenir compte de ces prétendues caractéristiques et différences raciales. Lui qui a écrit que “La nature a fait une race d'ouvriers. C'est la race chinoise, d'une dextérité de main merveilleuse, sans presque aucun sentiment d’honneur…une race des travailleurs de la terre, c'est le Nègre : soyez pour lui bon et humain, et tout sera dans l'ordre, une race de maîtres et de soldats, c'est la race européenne. Réduisez cette noble race à travailler dans l’ergastule comme les Nègres et les Chinois, elle se révolte… Or, la vie qui révolte nos travailleurs rendrait heureux un Chinois, un fellah, êtres qui ne sont nullement militaires. Que chacun fasse ce pour quoi il est fait, et tout ira bien.” […]

Bien qu’il fût un défenseur du concept d’autodétermination des peuples, il était autant convaincu de “la hiérarchie raciale des peuples”, soumettant ainsi le principe de l’autodétermination des peuples à la hiérarchie raciale. Ce faisant, il soutenait l’expansion coloniale et la perspective raciste de la Troisième République tout en pensant que les Français étaient hiérarchiquement supérieurs (dans la question raciale) aux autres pays africains et levantins. […]

Ceci dit, il est regrettable que les effets de cette pensée persistent encore de nos jours dans le subconscient de nombreux philosophes et penseurs occidentaux, ce qui nous amène en tant que penseurs libres à être vigilant et à tirer la sonnette d’alarme face à tous les comportements que nous voyons parfois se dresser comme un véritable rempart contre toute tentative de rencontre et de reconnaissance du droit des autres à exercer leur humanité sur un pied d’égalité. […]

Toutefois, ce qui est important et même le plus important dans notre rencontre d’aujourd’hui, c’est notre intention de vouloir prouver à toutes et à tous que lorsque les espaces de dialogue et les édifices scientifiques au Liban se ferment face aux chercheurs et aux intellectuels, nous, à Nabu, formons cet édifice et créons l’espace nécessaire au dialogue et à la discussion. »

 

كان إرنست رينان فيلسوفًا وكاتبًا، متخصّصًا في الكتابات الأثريّة وعالم فقه، مقيمًا في مدينة تريغييه في بريطانيا.

أثناء الجولة الاستكشافيّة لبعثة La Mission de Phenicie في المشرق، ترك رينان العاصمة باريس ليستقرّ في بلدة غزير الرائعة، القابعة بين أحضان جبال لبنان الشّامخة. وهناك، إستوحى كتاباته فأبصر النور كتابه الشّهير La vie de Jesus.

إلّا أنّ إقامته هذه كانت مثيرة للجدل، فقد اتُّهم بأنّه، قُبيل رحيله، حمل معه إلى خارج البلاد خلسةً تحفًا أثريّة ثمينة، ممّا أثار الشّبهات حوله.

إنّه لأمر أساسيّ أن تُؤخذ تلك الاتّهامات بعين الاعتبار في معرض الحديث عن فترة إقامة رينان في لبنان، فهذا قد يغيّر في الكثير من وجهات النّظر ويبرز حقائق مخفيّة. وهو أمر تطرّق إليه بوضوح السّيّد جواد نديم عدرا، مؤسّس متحف نابو  NABU Museum  في كلمة ألقاها خلال  ندوة بعنوان "L'Orient de Renan 2".

 

:كلمة السيّد جواد عدرا في افتتاح الندوة

البعض يسأل متعجباً كيف يمكن لمتحف نابو أن يستقبل مؤتمرا عن رينان وهو في المقلب الفكري الآخر... هو الذي اعتقد بأ ن الخصائص العرقية غريزية وحتمية، كما أنه يجب على أي منحى للممارسة السياسية أن يأخذ في الإعتبار تلك الخصائص والاختلافات العرقية المفترضة، حيث كتب التالي: "لقد صنعت الطبيعة عرقاً من العمال، العرق الصيني، الذين لديهم براعة يدوية رائعة ولا يشعرون بالشرف تقريباً ...وهناك عرق يحرث التربة، الزنجي، عامله بلطف وإنسانية، وسيكون كل شيء على ما يرام. وهناك عرق من السادة والجنود، وهو العرق الأوروبي. فإذا بعثت بهذا العرق النبيل إلى العمل في خنادق العبيد مثل الزنوج والصينيين، فهو حتماً سيتمرّد... لكن الصينيين والفلاحين سعداء في نمط الحياة التي يعيشونها، تلك الحياة التي يتم رد فيها عمالنا، وذلك لأن الصينيين والفلاحين ليسوا مخلوقات عسكرية على الأقل. دع كل واحد يفعل ما خلق من أجله، وسيكون كل شيء على ما يرام". 

ولكن الكل يعلم علم اليقين بأنه كان لرينان تأثير مهمّ على الفكر السياسي أثناء ظهور نظريات العنصرية في أوروبا وتحديداً في فرنسا إبّان الجمهورية الفرنسية الثالثة. فبالرغم من كونه مدافعاً عن مفهوم تقرير المصير للناس، ولكنه من ناحية أخرى كان مقتنعاً في الواقع بالتسلسل الهرمي العرقي للشعوب، مخضعاً بالتالي مبدأ تقرير المصير للشعوب للتسلسل الهرمي العنصري، مؤيداً بذلك التوسع الاستعماري ووجهة النظر العنصرية للجمهورية الثالثة، لأنه كان يعتقد أن الفرنسيين متفوقون هرمياً في المسألة العنصرية على الدول الأفريقية والمشرقية الأخرى

وللأسف، فإن ذيول هذا الفكر لا تزال سارية حتى يومنا هذا في اللاوعي للعديد من الفلاسفة والمفكرين في العلوم الإنسانية الغربيين ما يدعونا كمفكرين أحرار للتيقظ الدائم ودق ناقوس الخطر بوجه كل التصرفات التي نراها أحياناً تقف كسد منيع في وجه كل محاولات التلاقي والاعترا ف بحق الآخر في ممارسة انسانيته بالتساوي

والمهم والأهم في لقائنا اليوم، هو أنه عندما تغلَق مساحات الحوار والصروح العلمية في لبنان في وجه الباحثين والمفكرين، فنحن نكون هذا الصرح ونخلق تلك المساحة اللازمة للحوار والنقاش. هذا لأننا على يقين بأ ن الانغلاق الفكري في لبنان وصل إلى منع الآخر من التعبير عن آرائه المغايرة والمختلفة وقتل محاولة التلاقي في المهد

 Location: https://goo.gl/maps/2A6AmMTCS1HKhdYV8