دير مار شلّيطا - داعل

تَقَع بَلدَة داعِل في وَسَط قَضاء البَترون، على مُتوسِّط إرتفاع 650 م. عن سَطح البَحر. تُطِلُّ على شَلّالات بساتين العُصي وقَضاء الكورَة. تَبعُد مَسافة 70 كلم عن العاصِمة بيروت، و17 كلم عن مَدينة البترون مَركَز القَضاء.

 

يَقول الدكتور أنيس فرَيحَة، في كِتابِه "مُعجَم أسماء المُدُن والقُرى اللبنانية" إنه ليسَ في الآرامية أو العِبرية  كَلِمة "دَعل" ويَستَبعِد أن يكون الإسمُ عَرَبياً، بَل يُرَجِّح أن يَكونَ مُركَّباً من De ah  أو Dea ومَعناها عِلمٌ ومَعرِفة، من جَذرٍ سامي مُشتَرَك بين الآرامية والعِبرية والفينيقية، وYada ومعناها عُرفٌ وعِلمٌ وإدراك. وقد وَرَدَ في التوراة أسماء عَديدَة مُركَّبة من مُشتقات هذا الفِعل ومن "أيل"، فيكون أصل الإسم Yada el  أي الله يَعرِف أو عِلْمُ الله (راجع سفر الأخبار 6:7، 45:11، وسفر العدد 14:1، 42:7).

 

تَتَمَيَّز البَلدَة بمَعالِم أثريّة عِدَّة من فينيقية ورومانية، توجَد فيها نَواويس وآبار ومَعاصِر مَحفورَة في الصَخر... وهناك أيضاً آثار قديمة لديرٍ لمار شلّيطا، ما زالَت مَعالِمُه ظاهِرة وحِجارته مُبَعثرة، يُظهِر بَعضٌ منها كِتابات بأحرُف سريانية، يُرَجَّح أن تكون بالكرشوني... في التاريخ الحديث، أقام الأهالي بين أنقاض الدير، مَزاراً مع رَسمٍ للقديس شَلّيطا.

بالعَودَة الى مار شلّيطا القدّيس، تَذكُر السِنكسارات أنه إستُشهِدَ في أنطاكية كما روى المؤرّخون، وفي مُقدمِهم القدّيس يوحنّا في خُطَبِه عن شُهداء أنطاكية. كان يُدعى أرتاميوس، هو من أشراف المَملكة اليونانية، وكان قد خَدَمَها بجرأة وإخلاص في عهد الأمبراطور قُسطنطين الكبير. تقدّم في الوظائف حتى أصبح حاكِماً على بِلاد مِصر، ولُقِّب "بالجليل العَظيم". أما السِريان، فقد دَعوه بِلُغَتهم "شلّيطا" الحاكِم المسلّط، فكان في حكمه آيةً في العَدل.

بعد اعتزال شَلّيطا الخِدمة لتَقَدُّمِه في السنّ، جَلَسَ في تلك الحَقَبَة على عرش المَملَكَة، الإمبراطور يوليانوس الجاحِد، فاضطَهَد الكنيسة والمَسيحيين... فَتَصَدّى شلّيطا للإمبراطور الفَتى ونَبَّهَهُ الى ضَلاله، فَغَضِب عليه هذا الأخير وسَلّمَه الى الجُنود رُغم سِنّه المُتَقَدِّم. فلّم يتوانَ الجنود عن إذلاله والتنكيل به، حتى أمر الإمبراطور بِحَرقه. ولمَّا رأى هذا الأخير أن تِلك القساوة كلّها لم تَرُدَّه عن إيمانه، حاول استِمالتَه باللُطف... فكان جوابه: "أنا لا أجحَد بالمسيح، ولا أدخل في كفر الوثنيين المَمقوت". ورغم أن علامة الصليب ظَهَرَت للإمبراطور كإشارة، إلّا أنّه لم يَتَعِظ  منها، بل زادَت شراسَتُه وغَضَبه فأعيد الى السجن...

وفيما كان داخل زَنزانَتِه يُصلّي، ظَهَر له المَسيح وقال: "تشجَّع يا شلّيطا ولا تَخَف لأنني مَعَك...". كان إستِشهادُه في أنطاكيا سنة 363 م.

القدّيس شلّيطا هو شَفيع الحيوانات، وتَحتَفِل الكنيسة بعيده في العشرين من شهر تشرين الأول من كلّ عام.

Location: https://goo.gl/maps/Nn4m2Tt4tJRPhPPt6