معرض رشيد كرامي الدولي

 في طرابلس، قصة مليئة بالإلهام والألم في آن واحد معرض رشيد كرامي الدولي 

 

يقع المعرض في مدينة طرابلس عاصمة الشمال، وثاني أكبر مدينة في لبنان، وهو المعرض الرسمي الوحيد في لبنان. وقد عرفت مدينة طرابلس منذ القدم بموقعها الجغرافي كونها صلة الوصل ما بين الشاطىء الشرقي للبحر الأبيض المتوسط والداخل السوري والعربي، مما جعلها مركزاً تجارياً مُهمًا على مستوى المنطقة بوجه عام ومنطقة الشمال بوجه خاص. تبعد المدينة 80 كلم عن العاصمة بيروت  و 20 كلم عن مطار القليعات المزمع  تشغيله قريباً. أما المرفأ، فهو على مسافة 2 كلم من مركز المعرض وهو مؤهل لاستقبال سفن الركاب إضافة إلى السفن التجارية ...وهو حاليًا يحتل مركزًا متقدمًا، خاصة بعد انفجار الرابع من شهر آب 2020.

 

يُعتبَر المعرض من أبرز المعالم المعمارية والاقتصادية في شمال لبنان، وهو يحمل اسم رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رشيد كرامي. يقع في الجزء الجنوبي الغربي من مدينة طرابلس بمحاذاة ميناء المدينة. وقريبًا من الطريق الدولي...

صمَّمه المهندس البرازيلي الشهير أوسكار نيماير Oscar Nieyemer، الذي صمَّم أيضًا العاصمة البرازيلية برازيليا، وقد أراده أن يكون تحفة معمارية تمثل الحداثة في منتصف القرن العشرين، عبر استخدام الباطون المسلح بأشكال هندسية مستقبلية ومنحنيات انسيابية مميَّزة، وقد أشرف على التنفيذ مهندسين لبنانيين عُرف منهم فردينان داغر ونويل أبو حمد وجورج دوماني وأميل خلاط.

 بدأ بناؤه عام 1962وبحسب بعض المصادر وضع حجر الأساس عام 1964، وكان الهدف منه أن يكون مركزًا دوليًا للمعارض والأسواق التجارية يعكس الانفتاح الثقافي والتنموي للبنان ويعزز اقتصاد طرابلس. لكن اندلاع الحرب الأهلية اللبنانية عام 1975 أدى إلى توقف الأعمال وعدم استكمال المشروع. ومنذ ذلك الحين بقيت معظم مبانيه غير مكتملة، وتحول الموقع إلى رمز للحرب والإهمال.

تكمن أهميته المعمارية في الحداثة في التصميم والبناء، إذ يُعد المجمع نموذجًا بارزًا للعمارة الحداثية بتصميمه الجريء الذي يجمع بين الخيال الانسيابي وروح الحداثة، ويُعتبر من النوادر خارج البرازيل التي تحمل توقيع نيماير. وأهميته ثقافيًا، كان من المفترض أن يكون منصة للتلاقي الحضاري.

 

 صمَّم نيماير مجمعًا متكاملًا يضم : 

مبانٍ إدارية وخدماتية  

جناح المعرض

الجناح اللبناني

مسرح في الهواء الطلق مع قوسه الضخم

المسرح التجريبي

مطعم بانوراميك يعلو خزان للمياه

مهبط لطائرات الهليكوبتر ومتحف

هرم

فندق

إضافةً إلى ممرات وحدائق وبحيرة صناعية وغيرها ...

 

يُذكر بأنَّ البناء شُيّد بمعظمه من دون زوايا حادّة أو انكسارات حادّة عند 90 درجة، بل جُعلت خطوطه تنساب بزوايا بيضاويّة ناعمة، وكأنها امتدادٌ لفكرة اللانهاية. وما إن تدخل إليه، حتى يغمرُك فضاء واسع يبعث فيك الإحساس بأنك أمام عالمٍ لا يعرف حدودًا ولا نهاية.

 

 ومنذ توقف البناء سنة 1975، عانت المباني من التخريب، والإهمال، والنهب، والكتابات الجدارية... تعرّضت الخرسانة للتشقق والصدأ وتآكل الحديد المسلّح، مع انهيارات جزئية وغمر بعض الأقسام بمياه الأمطار. ويُعتبر الموقع شبه مهجور تجري فيه بعض النشطات... وهو اليوم مَقصَد للفنّانين والمُهندسين والمُصورين رغم خرابه، نظرًا لفرادة تصاميمه المعمارية وقيمته الرمزية .... وتُقام فيه أنشطة فنيّة وثقافية وغيرها...

 

 وفي 25 كانون الثاني 2023، قررت لجنة التراث العالمي التابعة لليونسكو إدراج معرض رشيد كرامي على لائحة التراث العالمي، وكذلك على قائمة التراث المهدد بالخطر  بسبب حالة التدهور، التشققات، والأضرار البنيوية.

 

وكانت قد طُرحت عدة مبادرات لإعادة تأهيل الموقع وتحويله إلى مركز ثقافي أو سياحي أو جامعي، مع التأكيد على احترام تصميم نيماير الأصلي. اليونسكو وصناديق التراث الدولية دعت إلى خطط لترميم الأجزاء القائمة واستكمال المشروع بما يدمجه في الشبكات الثقافية والسياحية في طرابلس. ورغم غياب التنفيذ العملي بسبب الأوضاع السياسية والاقتصادية، يبقى المعرض رمزًا للأمل والطموح، يجمع بين جمالية العمارة وتراجيديا الواقع.

 

 

 

 

Video

Location