كنيسة القدّيسة صوفيا - زبدين

تقع كنيسة القدّيسة صوفيا في قرية زبدين. فهي صغيرة الحجم، معقودة، وذات سوق واحدة تنتهي بحنية مكوّرة ضمن قوس، أمّا هندستها فهي شبيهة بتصاميم كنائس القرون الوسطى.

 

يقول عنها الدّكتور كريستيان الخوري في كتابه "السّيّدة العذراء" – الجزء السّابع، بأن جورنال عام ١٨٨٤  لم يذكر وجود كنيسة على اسم مار صوفيا في محلّة حقلة التّينة - زبدين، بل أشار إلى أنّ الكنيسة هي على اسم السّيّدة. ولم يرد في جورنال عام 1900 كذلك أنّ هناك كنيسة على اسم مار صوفيا، بل ورد في معرض الحديث عن الخوري الياس الحدّاد، أنّه ارتسم سنة ١٨٦١ على يد المطران يوسف المريض في الدّيمان على مذبح سيّدة الخلاص في حقلة التّينة... ويورد هذا الجورنال في إطار وصفه كنيسة سيّدة الخلاص في حقلة التّينة أنّ صورة السّيّدة معطّلة وأنّ صورة القدّيسة صوفيا تصوير بولس شلافاك على قماش، وأنّ للكنيسة بابًا واحدًا وشبّاكًا صغيرًا جدًّا. وهذا ينطبق كلّيًّا على كنيسة مار صوفيا في حقلة التّينة في أيّامنا هذه؛ فلها باب واحد صغير، وشبّاك واحد صغير جدًّا، أمّا لوحة المذبح فهي من عمل بولس شلافاك. ولعلّ تعطّل لوحة السّيّدة العذراء هو ما دفع إلى رفع صورة القدّيسة صوفيا مكانها، فحملت الكنيسة مع مرور الزّمن اسمها. أمّا من النّاحية الهندسيّة فهي عقد قصبة صغيرة مكحّلة حديثًا من الدّاخل بالباطون. وما يميّزها من الخارج قبّة جرسها المنشأة حديثًا بشكل جميل، ولكنّها لا تتلاءم مع طراز الكنيسة.

بالنسبة إلى لوحة القديسة صوفيا، تحتفظ الكنيسة بتلك اللّوحة الّتي تظهر فيها القدّيسة مع بناتها، وهي من تنفيذ الرسّام البولّنديّ المستشرق بول شلافاك Paul Schlaweck كما ورد أعلاه، كتبت عليها بالعربيّة عبارة "شغل بولس شلافاك". . الجدير بالذّكر أنّ لهذا الرّسّام عدّة لوحات في لبنان من تنفيذه، منها لوحة للنّبيّ الياس في دير مار يوحنّا الصّابغ - الخنشارة للرّهبانيّة الباسيليّة الشّويريّة، وثانية لمار شلّيطا مع كتابة بالكرشونيّة في كنيسة مار شلّيطا كفرحباب – غزير، ولوحة لمار روكز في كنيسة مار روكز – بسكنتا، وأُخرى لمار جريس في كنيسة مار جريس الأثريّة في إدّه – جبيل.. تلك اللّوحات تعود إلى القرن التّاسع عشر.

بالعودة إلى القدّيسة صوفيا، هي قبطيّة من مصر، إعتنقت المسيحيّة وكان لها ثلاث بنات هنّ: بيستس Πίστις أيّ الإيمان، وهلبيسἘλπίς  أيّ الرّجاء، وأغابي `agapy أيّ االمحبّة.  لمّا كبرن قليلًا ذهبت بهنّ إلى روما لتعلّمهنّ العبادة وخوف الله.

عرف الوالي الرّوماني في مصر كلوديوس بأمر اعتناقها المسيحيّة، فغضب وأمر بإحضارها ومحاكمتها. رفضت صوفيا العودة إلى عبادة الأوثان، فأمر الوالي جنوده بتعذيبها، فضربوها بالسّياط، وقاموا بكيّ مفاصلها بالنار، إلّا أنّها بقيت متمسّكة بالمسيح. حاول كلوديوس ردّها عن المسيحية بشتّى الطّرق، ولكنّه لم ينجح، فأمر بقطع لسانها وحبسها في سجن مظلم، ثمّ بقطع رأسها. وقبل تنفيذ الحكم صلّت وطلبت إلى الرّب بأن يسامح الوالي وجنده .

سمع الإمبراطور الرّومانيّ قسطنطين العظيم وأمّه الملكة هيلانة بقصّة القدّيسة صوفيا سنة ٣٢٥م، فأمرا بنقل جسدها من مصر إلى القسطنطينيّة، حيث بنى لها قسطنطين كنيسة عظيمة وضع فيها جسدها تكريمًا لها وسمّيت "كنيسة صوفيا".

إحترقت كنيسة صوفيا، فقام الإمبراطور جستينيان الأوّل بإعادة بنائها سنة ٥٣٧م، وكان أوّل من استخدم قبّة معلّقة بالكامل. وقد اعتُبر المبنى آنذاك الأكبر عالميًّا وجوهرة العمارة البيزنطيّة... ثمّ حوّلها السّلطان محمّد الفاتح عام ١٤٥٣م إلى مسجد عُرف في العصر العُثمانيّ باسم الجامع الكبير الشّريف. وفي العام ١٩٣٤ جعلها كمال الدّين أتاتورك، أول رئيس للجمهورية التّركيّة (١٩٢٣-١٩٣٨) متحفًا يجمع العناصر المعماريّة والفنّيّة للمسيحيّة والإسلام. وفي العام ٢٠٢٠، ألغى مجلس الدّولة التّركيّ قرار تحويل المسجد إلى متحف، وأعيد إعتباره جامعًا. خطوة لاقت جدلًا عالميًّا واسعًا ما بين مؤيّد ومعارض.

Video: https://youtu.be/R_tOeFSWewM?si=HP3aH-o41oAouf3S

Reel: https://youtu.be/V6K-15Yecg4

Location:  https://maps.app.goo.gl/1acQ21UqhrEYeShw7