بلدة إيعات في سهل البقاع، وتحديدًا في محافظة بعلبك، على بُعد نحو 90 كلم من بيروت، وعلى ارتفاع يناهز 1040 مترًا عن سطح البحر. وتشتهر بشكل خاص بعمودها الكورنثي الأثري، الذي يرتفع نحو 18 مترًا، ويقع على علو 1000 متر، على مسافة تقارب 6 كيلومترات شمال غرب قلعة بعلبك، بين بلدتي بعلبك وشليفا.
يذكر أنيس فريحة في كتابه معجم أسماء المدن والقرى اللبنانية أن اسم "إيعات" قد يكون من أصل سرياني ويعني "النبات والحشائش"، أو أنه تحريف لكلمة "يعتا" التي تدلّ على الشرفة أو البرج أو بناء ملاصق لقصر أو قلعة مراقبة
يُعرف المعلم الأثري في البلدة باسم "عمود إيعات" أو "العمود الوحيد"، وهو عمود كورنثي منفرد يعود إلى الحقبة الرومانية، يتميّز بجمال طرازه ودقّة نحته، وهو منحوت من قطعة حجر واحدة، ومرتفع على أربع درجات حجرية ضخمة. يقف العمود في موقع معزول دون أي أثر لمبانٍ أخرى مجاورة، ما يضفي عليه طابعًا غامضًا
حاليّا لا يحمل العمود أي نقش ظاهر يُفسّر سبب تشييده أو وظيفته. وقد أشار عالم الآثار جورج ف. تايلور، الذي عمل في لبنان في منتصف القرن العشرين وكان أستاذًا في الجامعة الأميركية في بيروت، إلى وجود كتابة على الأسطوانة السادسة من العمود، إلا أنّها فُقدت، ولم يُعرف محتواها. وكان تايلور قد صنّف هذا العمود ضمن مجموعة المعابد في سهل البقاع، ولاحظ أنّ موقعه يقع على مسافة متساوية تقريبًا بين معبد بعلبك و"معبد قصر البنات " .
وقد أشار بعض الرحّالة والمستشرقين في القرنين التاسع عشر والعشرين، أمثال إرنست رينان، إلى هذا العمود، من دون تقديم تفسير حاسم لوظيفته أو خلفيته التاريخية
تعددت الفرضيات حول الغاية من تشييده، ومن أبرزها
أنه نُصب تذكاري لتخليد انتصار عسكري أو حدث سياسي مهم في العصر الروماني.
أنه البقية الوحيدة من معبد روماني فُقدت باقي أجزائه
أنه علامة بصرية رمزية كانت تُستخدم للإشارة إلى مجمّع المعابد في بعلبك
أنه كان جزءًا من منظومة أعمدة تحمل قناة لجرّ المياه
أنه وُضع كنُصب نصر يُخلّد موقع معركة قديمة كبرى
.وتتناقل الروايات المحلية اعتقادًا يربط العمود بالقدّيسة هيلانة، والدة الإمبراطور الروماني قسطنطين الكبير، أوّل إمبراطور روماني اعتنق المسيحية
.ورغم كثرة النظريات، يبقى الرأي الأكثر رواجًا هو أن العمود نُصب تذكاري جنائزي يخلّد ضريح شخصية بارزة في تلك الحقبة
..حتى اليوم، لم يُعثر على إشارات مباشرة إلى هذا العمود في النصوص القديمة المعروفة، مما يترك الكثير من الأسئلة معلّقة حول تاريخه ووظيفته الحقيقية